الذين كفروا سبقوا قال الشاطبي وبالغيب فيها يحسبن كما فشى عميما وهذا بسورة الأنفال وقال ابن الجزري عن الغيبة والخطاب ويحسب أد وخاطب فاعتلا وقال الشاطبي أيضا ويحسب كسر السين مستقبلاً سما رضاه ولم يلزم قياساً وأصلاً وقول الناظم مستقبلاً معناه الصالح للاستقبال سواء استعمل فيه أم في الحال فالمراد الاحتراز عن الماضي
ومعنى ولم يلزم قياسا مؤصلا أن كسر السين في يحسب لم يوافق القياس الذي جُعِل أصلا يُعتمد عليه بل خرج عنه لأن الفعل الماضي المكسور العين مثل فهِمَ عَلِمَ فَقِهَ شَرِبَ القياس في مضارعه فتح العين نح يفهم يعلم يفقه يشرب وحينئذ تكون قراءة الكسر سماعية وقراءة الفتح قياسية وقال ابن الجزري أيضا وميسر تفتحا كي يحسب أد
وكسره فق أما قراءة ولا يحسب النبياء الغيبة فالذين كفروا فاعد والمفعول الأول محذوف والتقدير أنفسهم وسبق في محل نصب مفعول ثانٍ مع تقدير أن قبل سبق وحينئذٍ يكون المعنى ولا يحسبن الكفار وأمفسهم سابقين ويجوز أن تضمر أن مع سبق فتسد مسد المفعولين كما في قوله تعالى أحسب الناس أن يتركوا بسورة العنكبوت فقد سدت أن ومدخولها
مسد مفعولي حسب وأما قراءة ولا تحسب النبتاء الخطاب فالمخاطب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذين كفروا مفعول أول وسبقوا مفعول ثاني وحينئذ يكون المعنى ولا تحسبن يا محمد الكفار سابقين والقراءة بفتح السين لغة تميم وبكسر السين لغة أهل الحجاز والقراءتان ترجعان إلى أصل الاشتقاق فالأولى من حسب يحسب نحو عالم يعلم
والثانية من حسب يحسب نحو ورث يرث قوله تعالى سبقوا إنهم به مد منفصل وقد قرأه بالقصر والتوسط قالون والدوري عن أبي عمر وقرأ السوسي وبن كثير وأبو جعفر ويعقوب بالقصر قولا واحدا وأما التوسط وجها واحدا فهو لعاصم وابن عامر والكسائي وخلف في اختياره وأما الطول وجها واحدا فهو لورش و لحمزة وهذا ما يقرأ به واستقر عليه رأي
الأئمة قديما وحديثا وهو مذهب فريق من المحققين ومنهم الإمام الشاطبي وإذا أخذنا بمذهب الفويقات الذي قال به الإمام الداني وبعض العلماء فيزيد لقالون ودوري أبي عمر فويق القصر أي المد ثلاث حركات ويزيد لعاصم فويق التوسط وهو المد خمس حركات قال الشاطبي فإن ينفصل فالقصر بادره طالباً بخلفه ما يغوي كدراً ومخضلا ولم يذكر
صاحب التيسير القصر عن الدوري فهو من زيادات القصيدة الشاطبية وجاء في تحريرات الشيخ حسن الحسيني على الشاطبية المسمى نظم تحرير مسائل الشاطبية ومنفصلا أشبع لورش وحمزة كمتصل والشام مع عاصم تلا بأربعة ثم الكساء كذا جعلا وقال ابن الجزاري ومده موسط ومنفصل قصرا ألا حز قوله تعالى إنهم لا يعجزون قرأ الشامي بفتح الهمزة
هكذا أنهم لا يعجزون والباقون بكسرها هكذا إنهم لا يعجزون ومن قرأ بالصلة قرأ إنهم لا يعجزون وسيأتي ذكر ذلك قال الشاطبي وإنه مفتح كافيا والقراءة بفتح الهمزة من إنهم على إسقاط لام العلة والمعنى ولا يحسبن الكفار أنفسهم سبق لأنهم لا يعجزون وقراءة إنهم بكسر الهمزة على الاستئناف والقطع فائدة تتعلق بالقراءتين يجوز الوقف
على سبق لمن قرأ إنهم بكسر الهمزة مستأنفاً وهذا تمام الكلام أي لا تحسب من أفلت من الكفار يوم بدر فاتونا بل لا بد من أخذهم في الدنيا وليس بوقف لمن قرأ بفتحها بتقدير لأنهم لا يعجزون فهي متعلقة بالجملة التي قبلها قوله تعالى إنهم لا يعجزون فيه ميم جمع بعدها محرك وقد قرأها ابن كثير وأبو جعفر بضم الميم وصلتها بواو في
الوصل قولا واحدا ولقالون الصلة والإسكان وكذلك كل ميم جمع بعدها متحرك ووافقهم ورش في الصلة إذا وقع بعد ميم الجمع همزة قطع والباقون بإسكان الميم الصلة هكذا إنهم لا يعجزون والإسكان هكذا إنهم لا يعجزون وسبق القراءة لابن عامر أنهم لا يعجزون قال الشاطبي وصل ضم ميم الجمع قبل محرك براكا وقالون بتخيله جلأ ومن قبل همز
القطع صلها لورشهم وأسكنها الباقون بعد لتكمل وقال ابن الجزري وصل ضم ميم الجمع أصل هذا والله تعالى أعلى وأعلم